يوم ترمب الأول- اجتياح واشنطن وتغييرات جذرية في أمريكا والعالم

المؤلف: حمود أبو طالب10.16.2025
يوم ترمب الأول- اجتياح واشنطن وتغييرات جذرية في أمريكا والعالم

لقد كان يوماً استثنائياً وغير مسبوق ذاك الذي شهدته واشنطن، حيث قدم دونالد ترمب من منتجعه الفاخر في فلوريدا كإعصار عارم، مكتسحاً العاصمة ومحوّلاً طقسها البارد إلى حرارة لاهبة منذ بزوغ الفجر حتى ساعة متأخرة من الليل، عندما استسلم للنوم في جناحه الخاص بالبيت الأبيض. هو وحده من غفا، بينما العالم بأسره ظل مستيقظاً، يترقب ما ستؤول إليه الأحداث بعد كل ما فعله في ذلك اليوم المشحون. لقد كان يوماً يعادل ألف يوم من أيام الرؤساء السابقين، أو يزيد، لم تشهد الولايات المتحدة مثيله منذ عهد جورج واشنطن وحتى جو بايدن. وبذلك، يكون دونالد ترمب قد برهن على صدق تصريحاته السابقة بأن أمريكا ستشهد تحولات جذرية منذ يومه الأول، بل إنه بدأ هذا الاجتياح حتى قبل أن تطأ قدماه البيت الأبيض.

فور انتهائه من أداء اليمين الدستورية واعتلائه المنصة لإلقاء خطاب التنصيب، انطلق في سيل من السخرية والتهكم والنقد اللاذع لسلفه وفترته الرئاسية، بينما كان الرئيس السابق جالساً بجانبه. لم يبدُ أي مجاملة، ولا حتى شفقة على انكساره، ولم يرتوِ من الشماتة بهزيمة نائبته المذلة أمامه. وقد قدم مدججاً بجمع من الأنصار الذين يمتلكون أضخم الثروات على وجه البسيطة؛ أربعة منهم فقط تناهز ثروتهم التريليون دولار، ليقول، بصورة غير مباشرة، للإدارة السابقة وللأمريكيين والعالم أجمع، إن هذا هو زمن قوة المال والاقتصاد، الركيزة التي سيقوم عليها شعاره "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".

منذ اللحظات الأولى ليوم التنصيب، وبعد دخوله مقر الرئاسة، بدأت حملة إلغاء واسعة النطاق لعشرات الإجراءات التنفيذية التي كانت قد وُقعت في عهد إدارة بايدن، وتوقيع العشرات من الأوامر التنفيذية الجديدة التي طالت العديد من المجالات الحيوية. الهجرة والجوازات، أمن الحدود، المناصب الفدرالية، منظومة التعليم، الخدمات الصحية، الضرائب والرسوم، قطاع النفط والطاقة، الإعفاءات والتعيينات، رفع السرية عن بعض الملفات الحساسة، الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ. وفي مؤتمره الصحفي، لم يترك زاوية في العالم إلا وتناولها، ولم يترك قضية إلا وتطرق إليها؛ الصين والحرب التجارية المحتملة، روسيا والأزمة الأوكرانية، الاتحاد الأوروبي ومستقبله، حلف الناتو ودوره المتنامي، قناة بنما وأهميتها الاستراتيجية، غزة والشرق الأوسط الملتهب، إيران وأذرعها ووكلائها، تطبيق تك توك ومخاطره المحتملة، الفضاء الشاسع وكوكب المريخ الطموح، التحول الجنسي وقضاياه المعقدة، حرية التعبير المقدسة والمساواة تحت مظلة القوانين الدستورية العادلة. كان يتحدث بطلاقة، وقلمه لم يتوقف عن التوقيع على الأوامر في مشهد يجسد كل أبعاد شخصيته الديناميكية.

لا ريب أننا على أعتاب أربع سنوات حاسمة ومغايرة ومثيرة في تاريخ الإدارة الأمريكية، سنوات ستشهد تغييرات جمة في الداخل الأمريكي وعلى الساحة العالمية. وكلنا أمل في أن يكون ترمب الجديد رجل سلام عالمي، كما وعد، وأن يسود الأمن والازدهار في ربوع المعمورة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة